Thursday, May 17, 2007

Short Tales from Asmara


أصابع ماهرة تتناول الكاميرا فتزيل أي عطب فيها ببراعة متناهية. كانت هذه الأصابع من قبل تحرك الكاميرا فتجسم النبض و الكلام و الابتسامة و تخرج من طيف الألوان و الموجات صورة ذكية رائعة لذلك الاتحاد اللا مرئي

تذ كرنا هذه الأصابع الماهرة وهى تجسم اتحاد الألوان والظل والضوء والموجات بما اكتشفه الامريكان في اوائل الثمانينات تقريبا بفضل قدرات الكاميرا حيث خرجوا بان للجسم موجات يتركها عندما يغادر مكانه الي مكان آخر وتسنطيع الكاميرا ان تصور مثلا مقعدا خاليا كان يجلس عليه شخص غادره للتو فيظهر الشخص نفسه في الصورة رغم ان الكاميرا لم تلتقط له الصورة وهو جالس بل إلتقطتها بعد ثوان من مغادرته. وقالوا ان هذه الموجات تحمل شكل صاحبها

لابد ان لكل شخص ذبذباته الخاصة التي تشكله لكن تختلف هذ الذبذبات بين شخص و آخر.. لاتندهش فتلك كاميرا ذات تقنيات عالية جدا.. وطالما كان الحديث عن الكاميرا فان هذه الاصابع الماهرة في ضيافتنا عالجت بعض الاستخدامات الفنية للكاميرا ثم خرجت بعد ابداع الصورة لتبدع شيئا آخر، ذلك هو هذه النماذج البديعه للعمل اليدوي في التشكيل والتصميم..(كانت هناك خمسة نماذج لهذا العمل التشكيلي لسيرجو فينالي نشرت مع هذه المادة الصحفية تمثل مسجد الخلفاء الراشدين و كنيسة ادي مريام و لوحة خلفية للقطة من المسرح الاوبرالي في اسمرا بالإضافة الي نماذج فنية راقية من الكوليزيوم و البانثيون في ايطاليا) انها في النهاية إبداعات هذه الاصابع الخلاقة.. وهو نوع من الاهتمام البديع

بدأت هذه الاصابع الماهرة تستخدم المواد المحلية البسيطة جدا و التي لا تلفت لوحدها اهتمام اي انسان لتشكل منها نماذج فنية ذات قيمة جمالية و هي تضيف بذلك لتلك المواد البسيطة إمكانية العطاء و الفن. و يعطي ذلك الخلق الانطباع بأن المادة لا تصبح غنية لوحدها.. و طالما كانت كذلك فهي لا تخلق الانسان انما الانسان هو الذي ينحتها، يرسمها، ينمنمها، يعجنها، يشكلها، يهبها هذا الثراء و هي البسيطة جدا و التافهة جدا أحيانا. و إذا كان ذلك هو جانبا واحدا من حوار الوجود و الفن فان هذه الاصابع الماهرة تمضي لتبدع – و ان كانت لا تعقل مثل هذا النوع من التفلسف – تمضي لتبدع ألوانا من الأشكال او لتعيد لبعض الأشكال الموجودة بعض الجماليات الضائعة من خلال هذه النماذج الموجودة أمامنا

لقد ابدعت هذه الاصابع الماهرة، في استخدام البوص و الكارتون و الخشب و خلفيات الحوار بين الضوء و الظل، هذه النماذج الهندسية المعمارية الموجودة في انحاء متفرقة من العالم و أخرجتها في أشكال فنية مصغرة غاية في الدقة و البناء

ربما بدت هذه النماذج اهتمامات صغيرة الا انها تطورت لتعطي قطع فنية تجسد ذلك الصبر العجيب حيث يستغرق النموذج الواحد ساعات طوال تشتغل فيها العضلات و الأعصاب و المفاصل و النظر و قبل ذلك العقل الملهم حتي يطلق الفنان آهة الراحة من هذه الدورة من القلق و التحدي

و ترافقنا هندسة هذه الاصابع الماهرة حتي مسجد مصوع، كنيسة مصوع، مسجد اسمرا، مبني الفاتيكان في ايطاليا، قاعة افريقيا في العاصمة الاثيوبية اديس ابابا، أعمدة روما، كنيسة دومو ميلانو، برج ايفل في باريس، اهرامات مصر، و البيت الأبيض الامريكي. و تدخل هذه الهندسة الي المسرح فتضع اللوحات الكارتونية الكبيرة كخلفيات مسرحية لبعض الأعمال الدرامية و الاوبرالية و الباليه، مثل تلك المسرحية المسماة – أمس، اليوم و غدا – التي تم تمثيلها عام 1968م في اسمرا

و نالت هذه الاصابع الماهرة العديد من الميداليات عندما شارك سيرجو فينالي في أعمال الكاميرا الصغيرة و هندسة الإضاءة في فيلم – 7 قبعات حمراء – عام 1964م و هو فيلم عن حوادث الكونغو أيام الاستعمار صورت مناظره في اغوردات الارترية و استغرقت شهرا هنا و هناك و عرض الفيلم في العديد من دور العرض الارترية. و كانت بطولة الفيلم لباميلا تيودور و كيرك مورس

و تستمر هذه الاصابع الماهرة في معالجة الكاميرا الآن، حيث يمارس سيرجو فينالي مهنته من شقته في الجانب الآخر من المستشفي الايطالي (حتي كتابة هذه المادة الصحفية و نشرها عام 1992م) و يقول سيرجو فينالي: " ولدت هنا في اسمرا، وورثت هذا العمل من والدي، حيث كان يملك استديو شهيرا. و بدأت إدارة هذا العمل إثر وفاة والدي في حادث موترسايكل." و يعتقد سيرجو فينالي انه ارتري فهو يعيش بهذا الاحساس و له حكايات قاسية مع الدرق (قوات منغستو هيلي مريام أيام استعماره لارتريا) حيث كانوا يجبرونه علي العمل الطويل المستمر و يضايقونه. بل حاولوا تحطيم هذه الاصابع ذات يوم حين دخلوا و نهبوا المعدات و دمروا كامل الاستديو بمعمله. و هكذا وجد سيرجو فينالي نفسه في الشارع و عاش الليالي الطويلة مع الجوع و البرد و الكلاب الضالة و تهتك المومسات... ثم أخيرا صوت القنصل الايطالي و هو يأمره: " يجب ان تعود الي روما." مشيرا او لعله تذكر ان كل الطرق تؤدي الي روما.. او لعله شعر بأن روما تهتكت في شوارع افريقيا

الضحكة الكبيرة الموجعة كانت هي فقط الرد في كل مرة يلح فيها علي ان كل الطرق تؤدي الي ..... هكذا تذكر سيرجو فينالي و هو يتابع مطالبه – اوراق وراء اوراق، وثائق وراء وثائق و ... " معداتي، أدواتي، الاستديو ... و لكن لم تكن هناك كلمات علي فم القنصل سواء روما، فقط روما

و رفضت الاصابع الماهرة و اختارت الليالي الطويلة و الرعب... الرصاص كان يمشي في الشوارع... أغرب الأشياء في هذه المدينة كانت الا تسمع صراخا مرعوبا، أو رصاصا هادرا، او شتائم يطلقها "الدرق" علي مواطنين يقتادونهم الي المجهول

تقول هذه الاصابع الماهرة أيضا: "شكرا لهذا المأوي الجديد تحت ظل جديد." و تشكر بذلك الذين حولوا الضحكة القاسية الموجعة الي ابتسامة عريضة تفهم الأشياء و تنبض مع الحرية... هكذا تحدث سيرجو فينالي و سجل شكره للشعبية و عبر عن امتلائه بهذه الحرية لان الوطن هو المأوي و الأمن و السلام... وطن يمنح هذا، هو الوطن
ارتريا الحديثة – 7 فبراير 1992م – العدد 20- ص 5
و لم تكتمل الحكايات بعد لأنني و في الوقت الذي كنت اتأهب فيه لمغادرة اسمرا بعد عشرة أعوام من العشق الخرافي كان سيرجو فينالي في حالة صعبة و قد قال لي عندما علم بظروفي انه ربما يغادر بدوره بعد ان ساءت اوضاعه. بالنسبة لي كانت عشرة أعوام طوال و بالنسبة له عمرا كاملا ذلك الذي أفناه في حب اسمرا، هذه الفتاة العابث التي لا تلين لعشاقها الأبرياء المخلصين

Haddas Eritra – Saturday 07/11/1992Some words in this Arabic version of the article/interview/reportage: the Colosseum, Coliseum, the Pantheon, Vatican Museum, Assab Mosque, Church of Saint Mary Church, Cathedral of Asmara, Rome, the Pillars of Rome, Pyramids of Giza, Egypt, 7 Red Hats, White House, Paris Eiffel Tower

No comments:

Post a Comment

Please do not abuse comments. I will delete any abuse and ban the abuser. Be nice and do not post irrelevant content. This is not a just me too blog. Thank YOU.

Social Bookmarks